التائبون !!بين نشوة الانتصار و المشروع الوطني.

بوابة القادمون مطار دمشق الدولي صورة تعبيرية



بقلم: محمد الشماع

ناشط سياسي باحث و مدير مركز بناء
 السلام و الديمقراطية، له عدة دراسات
 و مقالات رئيس تحرير مجلة التفكير لسوريا
لم يخف على الصديق قبل العدو أن واقع الحرب في سوريا إلى انحسار فالانتصارات الأخيرة التي أحرزها الجيش العربي السوري قلصت رقعة نفوذ المجموعات المسلحة الإرهابية من النصرة و داعش و مثيلاتها إلى تجمعات محاصرة صغيرة جداً غير مستقرة  تحكمها التصفيات بين قادة فصائلها نتيجة الضربات المتلاحقة للجيش العربي السوري و الخلافات بين الدول الممولة لها و أمام التصريحات الكثيرة التي تتواتر في الفترة الأخيرة بأن الحرب في سوريا إلى خواتيمها قد قربت موعد تسديد الضربة القاضية التي ستردي الإرهاب نهائياً عن سوريا.
بناءً على واقع الانتصارات التي يحرزها الجيش العربي السوري في ميدان القتال بدأت عودة أعداد من اللاجئين السوريين من لبنان و بدأ الحديث عن عودة بعض الشخصيات التي تركت البلاد خلال الحرب من معارضة أو تعمل في الشأن العام و العمل المدني ، حيث اختلفت ردود الأفعال على عودتهم في الوسط العام السوري بين مرحب و داعم لهكذا مبادرات و بين رافض و متهم لها ، إلا أنه لا يمكن باعتقادي أبداً أن نلوم الرافض أو المرحب أيا كان فما تعرض له السوري الذي رفض ترك بلاده من اعباء و تبعات الحرب التي تستهدف سوريا على مدار السنوات السبع العجاف و الذي ما يزال تأثيرها جاثم على كاهل السوري للآن كبيرة و تعطيه الحق أن يبتهج بالانتصار.
لكن بالمقابل إذا تعمقنا بمفهوم الإنتصار من جانبه الأوسع الذي يستحقه والذي لا يبخس التضحيات التي قدمها الجيش العربي السوري و كل عامل و مواطن صمد خلال سنوات الحرب ، الجانب الممتد على مساحة الوطن فالإنتصار ليس عسكرياً فقط او انتصار يخص "النظام" كما يحلو للبعض وصفه في محاولة لاختزاله و التقليل منه ، إنما هو إنتصار على فكر تكفيري إلغائي مقيت غريب عن مجتمعنا إنتصار يخص كل سوري صمد و تحمل أعباء الحرب و لكل مسؤول شريف لم تغريه مشاريع الإنشقاق و للمعارضة الوطنية التي راهنت على الشرعية و المؤسسات و الدولة بمفهومها الوطني رغم كل الإغراءات و الضخ الإعلامي الكبير الذي إفتتن البعض من ضعاف النفوس به و نرى الآن تخبطهم من خلال تصريحاتهم الغير متوازنة.
هؤلاء السوريون الشركاء في الإنتصار يستحقون أن يكون الانتصار مشروعاً متكاملاً حيث بدأ بالإصلاح الإداري و عليه أن لا ينتهي إلا بتمامه و ذلك بمحاربة المفاهيم و القيم التي أفرزتها و شوهتها الحرب من الفساد و إستغلال الازمة و الإنتقال من هوامش حريات سياسية و إعلامية إلى حريات كاملة و الكثير من الإشكالات في طي العديد من الملفات التي تساهم فعلياً بإرساء قيم المصالحة و المسامحة بين السوريين و فتح الباب لمن يريد العودة من المعارضين أو أي مواطن سوري إلى بلاده ، مما يشعر السوري بأي بقعة جغرافية في العالم أن نهج الدولة  اتجاهه أبوي و بانها تمثله مترفعاً بذلك عن أي خصومة سياسية .
فأهمية إطلاق هكذا مشروع وطني بمبادرة من الدولة نفسها لا يختلف عن الإنتصار الميداني بل يساهم في ترسيخه و تحصين البيت الداخلي السوري و إطفاء أي شرارة يمكن ان يستغلها أعداء سوريا في أي وقت و تساهم أكثر في دفن الاحقاد و بدء مسيرة التعافي لسوريا.


المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما يعبر عن رأي كاتبه.






شاركه على جوجل بلس

عن Editor

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق