خاص صوت السوريات|المرأة السورية والمجتمع المدني بين المشاركة والغبن ،معوقات متفاقمة ومنهجية غير مستقلة .


خاص صوت النساء السوريات
بقلم: رشا الصالح - سوريا
يشير مصطلح المجتمع المدني إلى كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة. وتشمل هذه الأنشطة المتنوعة الغاية التي ينخرط فيها المجتمع المدني  في تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، أو التأثير على السياسات العامة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية
يضم المجتمع المدني مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية   ،ة والتي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها والتي تبنى ، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية والتي تكون مستقلة عن المنظمات الحكومية والدولة والتي هدفها مبني على أساس تنمية المجتمع وردف المؤسسات الحكومية بأداء دوره الفاعل التنموي للمجتمع ]     
ظهر مفهوم المجتمع المدني إلى حيز الوجود في الغرب في حدود القرن التاسع عشر، أما في الشرق فظهر في بداية القرن العشرين.
 وبما أن  المجتمع المؤلف من الجنسين ونصفه المولد للحياة والاستمرارية و والولادة  هو المرأة لذلك كان لها دور كبير في المشاركة في بناء المجتمع المدني وصنع القرار فيه ليصير مجتمعا مدنيا مبنيا على أسس علمية وديمقراطية تفصله عن الدين والسياسة .
عبر مشاركتها وانتسابها لمنظمات المجتمع المدني النسوية الذي هدفه المرأة والمجتمع بحد ذاته  ، حيث تقوم أساس هذه المشاركة على عدة ظروف وأسس تتيح للمرأة هذه المشاركة نذكر أهمها :
1-         سوية التحصيل التعليمي والدراسي
هناك علاقة تبادلية ايجابية بين مستوى مشاركة المرأة في منظمات المجتمع المدني النسائية  وبين التحصيل الدراسي، حيث وجد انه كل ما حصلت المرأة على شهادة تعليمة كلما كانت فرص العمل لديها أوسع وكلما كان مستوى تحصيلها العلمي منخفض كلما كانت فرص عملها قليلة في هذا المجال ،إذ تبين ان اكبر عدد من العاملات قد أكملن تعليمهن العالي نسبة  لمن لن يكملن تعليمهن .
2-الخلفية البيئة و الجغرافية .
هناك علاقة ايجابية عربيا  بين مستوى مشاركة المرأة في مجال منظمات المجتمع المدني النسوية وبين الخلفية الجغرافية، إذ تشير نتائج المسح الميداني إلى انخفاض مستوى مشاركة النساء اللاتي ينحدرن من فئة اجتماعية ريفية، في حين ارتفعت مشاركة النساء اللاتي ينحدرن من فئة اجتماعية حضرية إذ بلغت نسبتهن لوحظ أن الظروف الاجتماعية والتي تتمثل بالعادات والتقاليد التي تحيط بالمرأة قد أثرت وبشكل كبير على دورها وعملها في مجال منظمات المجتمع المدني
 3-توفر العامل السياسي
وبمحاولة الكشف عن معوقات مشاركة المرأة في مجال عملها في المنظمات في سوريا هي عدم توفر الأمن والأمان  لقيامها وتشكلها وترخيصها لذ يرتبط المشاركة في المؤسسات  الناظمة للمجتمع المدني على سوية الحريات والانفتاح السياسي للبلد ، والسماح بترخيص قيام منظمات المجتمع المدني داخل الدولة إلى  توفر هامش من مساحة التعبير عن الرأي إضافة إلى توفر عامل الأمن والأمان الداخلي الذي يبعث في نفسها الطمأنينة ويكون حافزا للنهوض بواقع المرأة و ونشاطها في التعبير عن مشاكلها وحقوقها كافيا لارتفاع مستوى المجتمع وتكوينه البيولوجي والنفسي والاقتصادي

لم تستطع منظمات المجتمع المدني وبالتحديد المنظمات النسوية من تحقيق دور مهم وحقيقي وخاصة في ظل السنوات السابقة التي مرت من الحرب وما شهده المجتمع السوري خاصة من حالات نزوح تهجير واغتصاب ومتاجرة  حالت دون حصول المرأة والمواطن على أدنى الحقوق في كثير من الأحيان ، وتقديم خدمة نوعية لصالح المواطن على الرغم من كثرة إعدادها ، فواقع الخدمات التي قدمتها هذه المنظمات لا يتعدى الحد الأدنى من المهام الملقاة على عاتقها،  وذلك لعدم استقلالية هذه المنظمات باتخاذ القرار كون التمويل القادم إلى هذه المنظمات  يأتي من الخارج ، لذلك بقي هناك تبعية سياسية واقتصادية وشخصية لم تتجاوز محاولة تحقيق الغايات والمآرب الشخصية للقائمين على هذه المنظمات التي اتسمت بالشخصنة وضعف الأداء.
 وإضافة إلى المشاكل التي تعانيها داخليا من محسوبيات وروتين لم تستطع أن تجعلها مميزة عن مؤسسات الدولة في كثير من الأحيان وهذا ما جعل العبء ملقى بالكامل على المرأة ذاتها ، فأصبحت وخاصة ممن لديهن وعي واسع في مساندة المرأة والمساهمة في بناء المجتمع المدني عرضة للضياع بين  نمط التشكيل لهذه المؤسسات اللارسمية وبين واجبها الذي يفترض عليها في هذه المرحلة الحاسمة التي تمر بها البلاد من المشاركة الفاعلة والتي بقيت محدودة ومحجمة .
 لذلك كان هناك جملة من المعوقات الجوهرية  نستعرض أهمها والتي كانت تقلل من مشاركة المرأة وإسهامها بتشكيل منظماتها النسوية وإدماجها في منظمات المجتمع المدني، ونذكر من  ضمنها :
1-إن قوانين العمل الذي يتعلق بمشاركة المرأة في الحياة العامة يعطي المساواة المطلقة للمرأة مع الرجل في يتعلق بممارسة العمل، في حين إن مجموعة من العادات والتقاليد التي لا تنسجم مع الواقع تعيق هذا، لذا لابد من إزالة الصورة النمطية للمرأة ورفع وعي المجتمع بأهمية عمل المرأة ودورها في منظمات المجتمع المدني من خلال التدريب والتوعية.
2-توعية المرأة بحقوقها القانونية وإخراجها من اطر الجهل بالقوانين التي تسلب حقوقها والتي منحتها إياها الأديان والقوانين.
لا تزال المرأة السورية  تعاني مشكلات تحد من قدرتها على أداء دورها المنوط بها في فضائها الخاص (الأسرة ) وإبعادها عن مشاركتها الفاعلة وإدماجها في الفضاء العام للمجتمع على كفة الأصعدة والمستويات وفي القلب من تلك المشكلات أو التحديات هي عدم القدرة على تحقيق استقلاليتها لتكون صاحبة إرادة حرة ومستقلة وفاعلة .

لذلك لابد وجود مجموعة من المقترحات التي يتوجب تطبيقها وخاصة في المرحلة القادمة التي تساند وتعاضد المنظمات النسوية والمرأة في مشاركتها في منظمات المجتمع المدني لتصير صاحبة قرار سياسي و وتنموي يردف الدولة والمجتمع ويعمل على إعادة اعماره نذكر منها أهم هذه المقترحات :
1- القضاء على الأمية الأبجدية  والفكرية بين النساء وذلك بتعليمهن القراءة والكتابة والتي تعتبر الخطوة الأولى لرفع المستوى الثقافي للمرأة وزيادة وعيها لتكون فاعلة في بناء المجتمع وتطوره.
2- التوعية الفكرية لأهمية المشاركة الفعالة للمرأة بالأنشطة الثقافية والفنية وذلك بتشجيعها بكتابة الشعر والقصة والمسرحية وتسهيل نشر نتاجها الأدبي  وإقامة الدراسات النقدية لتطويره وتشجيع المرأة  على المشاركة الفاعلة في الأنشطة الفنية كالموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية المختلفة كالرسم والنحت والزخرفة وحسب قابليتها.
3- تشكيل المنظمات النسوية للمشاركة مع  الدولة لإصدار التشريعات لحماية حرية المرأة وضمان حقوقها المدنية كاملة وإطلاق طاقاتها الإبداعية وتدافع عن حقوقها ومكانتها الاجتماعية وحمايتها من العنف والأذى ومن العادات والأعراف العشـائرية البالية التي تحط من كرامة المرأة وشخصيتها.
4- ان تأخذ منظمات المجتمع المدني وخاصة النسوية منها دورها الحقيقي في بناء ثقافة المرأة وزيادة وعيها وذلك بإنشاء نوادي وجمعيات ومراكز ثقافية كذلك فان لهذه المنظمات دور فاعل بالعمل على تثقيف المجتمع وتغير عقلية أبنائه نحو احترام المرأة وأهمية دورها في بناء المجتمع وتطوره.
5-وضع مناهج تربوية للمدارس بجميع مراحلها وللجامعات تدعم احترام المرأة والاعتراف بأهمية دورها كمربية وكَمَدرسة لأعداد جيل واعي يعمل على بناء وازدهار الوطن.
وكذلك يتوجب على منظمات المجتمع المدني بكافة أطيافه مجموعة من المسؤوليات المناط به والتي تضمن تحقيق النهضة والإنسانية والحقوقية للمجتمع ككل وللمرأة بشكل خاص .نذكر منها
في المرحلة  القادمة المطلوب من منظمات المجتمع المدني كافة (نسوية وغيرها ) أن تكون قوة ضاغطة وإرادة موحدة في سبيل خلق  دستور سوري علماني (علمنة الدولة وليس علمنة المجتمع بل المحافظة على أخلاقية المجتمع ) تضمن به المرأة حقها بالمساواة كمواطنة ضمن مجموعة القوانين بالدستور
و2-إنشاء وزارة خاصة بمنظمات المجتمع المدني لربط عملية النهوض بالمجتمع ككل والنهوض  بالمرأة في عمليات التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي والمشاركة السياسية للاستفادة من طاقات المرأة في عمليات إجراء التحويلات الجذرية والاجتماعية والسياسية في مجتمعنا.
3-توعية المجتمع بأهمية عمل المرأة وبمشاركتها في العملية السياسية.
-4 تخصيص نسبة بميزانية الدولة لتطوير عمل المنظمات.
5-السعي إلى التواصل مع المنظمات العربية والأجنبية الغير حكومية بزيادة التمويل المخصص للبرامج والمشاريع الرامية إلى ترويج الأنشطة المستدامة في مجال تنظيم المشاريع من اجل توليد الدخل إلى النساء المهجرات والنازحات و المحرومات والنساء اللاتي يعشن تحت وطأة الفقر.
6-العمل على وضع صياغة سياسات الحكومة المتعلقة بالمساواة بين المرأة والرجل ووضع استراتيجيات ومنهجيات ملائمة لتشجيع التنسيق والتعاون بين الحكومة ومراكز دراسات وبحوث المتعلقة بالمرأة مثل المعاهد التعليمية ووسائل الأعلام ومنظمات غير الحكومية ولاسيما منظمات المجتمع المدني النسائية.
7-إقامة الروابط المشتركة بين المنظمات والهيئات الوطنية الإقليمية والدولية العاملة في مجال النهوض بالمرأة . .
8-السعي المنظمات غير الحكومية إلى أن تكون نسبة النساء في كل مواقع صنع القرار في أجهزة الدولة ومؤسساتها

9-تطوير آليات وبرامج منظمات المجتمع المدني للنهوض بواقع المرأة عن طريق إقامة الدورات التدريبية لاكتساب مهارات تمكنهن من الحصول على وعي فكري واجتماعي واقتصادي وسياسي .
شاركه على جوجل بلس

عن Editor

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق